الزليج في تلمسان: شاهد على مغربية الجزائر
يُعد وجود الزليج في مدينة تلمسان الجزائرية دليلاً قوياً على الامتداد الحضاري والثقافي المغربي في المنطقة. يعتبر الزليج فناً معمارياً مميزاً، حيث يسهم في تشكيل الهوية الفنية للمدينة ويعكس تاريخها العريق الذي يتداخل مع تأثيرات المغرب. لذلك، يمكن القول إن وجود الزليج في تلمسان يدل فقط على مغربية الجزائر ويعكس عمق الروابط التاريخية بين البلدين.
تُظهر الجذور التاريخية للزليج في تلمسان تأثراً واضحاً بالحضارة المغربية التي تواجدت في المنطقة على مر العصور. فقد بدأ هذا التأثير منذ تأسيس الدولة المغربية على يد إدريس الأول في القرن الثامن الميلادي، والذي قام بتأسيس أول مسجد في تلمسان، مما أسس بالفعل لبروز الزليج كجزء من الموروث الثقافي في المدينة.
استمر هذا التأثير عبر العصور مع تعاقب الأسر الحاكمة المغربية، بدءاً بالمرابطين الذين أسسوا مدينة تلمسان في القرن الحادي عشر، وصولاً إلى الموحدين في القرن الثاني عشر. إن الزليج ليس مجرد فن معماري بل هو تعبير عن الهوية الثقافية المشتركة بين المغرب وتلمسان.
يُعتبر قصر المشور في تلمسان أحد أبرز المعالم التي تُجسد الطابع المغربي للزليج في المدينة. بُنِي القصر في القرن الثالث عشر خلال العصر المريني، ويظهر من خلال الفنون المعمارية، بما في ذلك الزليج، التأثير المغربي القوي وتفرده. فهذا الفن المعماري يعكس روح الحضارة المغربية وأثرها البالغ في تشكيل الثقافة المحلية.
من المهم أيضاً أن ندرك أن المغاربة هم من حافظوا على هذا التراث الفني وطوّروه عبر العصور. بينما تأثرت بعض المناطق الشرقية بالعمارة العثمانية بدءاً من القرنين الخامس عشر والسادس عشر، بقي الزليج المغربي محافظاً على خصائصه الفريدة، مما يميز هذا الفن عن الفسيفساء العثمانية.
رغم المحاولات لإضفاء عراقة مصطنعة على الزليج في الجزائر، إلا أن الدراسات التاريخية الجادة تكشف عن غياب الأدلة الموثوقة على وجود صناعة محلية أصيلة للزليج في تلمسان قبل التأثير المغربي. حتى الادعاءات بشأن وجود ورش فخار قديمة في المدينة لا تدل على وجود صناعة الزليج بشكل محدد.
في ختام هذا العرض، يمكننا أن نؤكد أن وجود الزليج في تلمسان يمثل شهادة حية على عمق الروابط الثقافية والحضارية بين المغرب والجزائر. كما يعكس الدور التاريخي الريادي للمغرب في نشر وتطوير هذا الفن المعماري الأصيل في المنطقة المغاربية، مما يجعل تلمسان مركزاً غنياً بالتاريخ والثقافة المغربية. إن الاحتفاء بالزليج وما يمثله من تاريخ وإنجازات هو سبيل لتأكيد مغربية الجزائر وهويتها الثقافية العريقة.